بعد وصول نبأ مقتل أبو مسلم الخُراساني إلى أهالي خُراسان وعموم الفُرس، حزن الكثير منهم لما جرى له، وشعروا بأنهم فقدوا مُنقذهم وأهم شخصيَّة ظهرت من بيئتهم منذ الفتح الإسلامي لفارس، فانتهز المزدكيَّة والخُرَّميَّة والمجوسيَّة حالة السَّخط العامَّة ضد دولة الخلافة، وظهر منهم سنباذ ثائرًا في وجه الخلافة سنة 137هـ / 755م، ليكون أوَّل الثَّائرين المُطالبين بدم أبي مُسلم، وادَّعى أنه لم يمت لكونه نطق باسم الله الأعظم قبل قتله فأصبح حمامة بيضاء وطار.[1] كثر أتباع سنباذ من مجوس خُراسان حُبًا لأبي مُسلم ولكونه موافقًا لمعتقداتهم الدينية السائدة، خاصةً قوله بفكرة الحُلولوالتناسخ، فتجمعت الحشود حوله من أهل الجبال حتى بلغت تسعين ألفًا.[1][2] انطلق سنباد من خُراسان مُسيطرًا على مساحة واسعة شملت نيسابور، وقومس، حتى وصل الرَّي عاصمة ولاية الجبال، وأخذ خزائن أبي مُسلم بعد أن تركها الأخير لأداء الحج في العام الذي تُوفي فيه السَّفَّاح، فسبى من المُسلمين ونهب الأموال وأظهر نيَّتهُ في الزحف نحو الكعبةوهدمها.[1][2][3]
وجَّه الخليفة أبي جعفر قائده جمهور بن مرَّار العِجْلي على رأس عشرة آلاف فارس لمُحاربة سنباد، فالتقى الطَّرفان بين همذان والرَّي، وعزم جمهور على مطاولته، فلما تصافى الجمعان، قدَّم سنباد السَّبايا من النساء المُسلمات على الإبل في الصف الأمامي، فلما رأين عسكر المُسلمين قمن في المحامل ونادين: «وا مُحمَّداه! ذهب الإسلام!»، فنفرت الإبل وعادت نحو عسكر سنباد وهاجت عليهم فتفرَّق جند سنباد ليهجم الفُرسان المُسلمون نحوهم ويتتبعونهم قتلًا، حتى بلغت أعدادهم نحوًا من ستين ألفًا، وسُبيت ذراريهم ونسائهم. هرب سنباد من الواقعة نحو طبرستان مُلتجئًا لصاحبها الأصبهبذ خورشيد، فأرسل الأخير ابن عمِّه طوز، إلا أن سنباد استخفَّ به وتكبَّر عليه، فهاج طوز وضرب عُنُق سنباذ بين طبرستان وقومس، ثم كتب إلى أبي جعفر بقتله وأخذ ما معه من الأموال، فلم يرق ذلك لأبي جعفر وكتب إلى صاحب طبرستان يطلب منه الأموال، فأنكرها الأخير ودخل في مشكلة كبيرة لاحقًا مع الخليفة. كان بين خروج سنباد ومقتله سبعين يومًا، أي انتهت بحلول ذو القعدة سنة 137هـ / مايو 755م وتأجَّلت حملة الصَّائفة بسبب ثورة سنباد.[2][4][5]
حسن فاضل العاني (1981)، سياسة المنصور أبي جعفر الداخلية والخارجية، بغداد، OCLC:4770734406، QID:Q126164117{{استشهاد}}: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)